مساحة إعلانية

     

 

    

  

الفيس بوك

تغيير الدستور والمأموريات ...

محمد ولد سيدي عبد الله

أثناء الدورة البرلمانية الاستثنائية الأخيرة والتي اختتمت أعمالها قبل أيام،بعد أن صادق البرلمان على مشروعين قانونيين  يتعلق أحدهما بالإرهاب والآخر بالفساد أعرب وزيرا العدل والاقتصاد والمالية عن رغبتهما في أن تمدد مأموريات رئيس الجمهورية وأصر الوزيران على رأيهما رغم مطالبة ممثلي المعارضة داخل البرلمان الموريتاني للوزيرين بسحب كلامهما.

وأثناء مؤتمره الصحفي الأسبوعي عبر الناطق الرسمي باسم الحكومة عن نفس المشاعر معتبرا كلام الوزيرين ترجمة لتطلعات شعب .

يعتقد الوزراء أن خطاباتهم آراء شخصية تعبر عن رغبتهم في تغيير الدستور حتى يتسنى لرئيس الجمهورية إكمال مشروعه وصون انجازاته .

ويعتقد ممثلوا المعارضة داخل البرلمان وبعض المدونين الشباب أن الأمر أبرم بليل وأن الرئيس شرع في تغيير الدستور وأن الوزراء أوعز إليهم بهذا الخطاب وأن الأمور تسير وفق خطة وأننا أمام المشهد الأول.

اختلاف بين في الفهم والإدراك، اختلاف في التصور والمعتقد واختلاف في التوجه والخطاب.  

والاختلاف أحد قوانين الكون ونواميس الطبيعة واختلاف العقول وزحامها وسيلة وصولها للصواب يقال " إذا تزاحمت العقول خرج الصواب " ويقول الشافعي الناس بخير ما اختلفوا.

إن تباين مستويات الفهم والإدراك وغموض بعض المواضيع، يشكل جوهر أي خلاف، انظر كيف اختلفت الأمة في عقائدها وتوجهاتها في فهم الدين وانظر كيف تستباح الأرواح والأجسام اليوم في عالمنا الإسلامي وكيف تقسم البلدان وتشطر الكيانات. إن مناط ذلك كله هو الفهم والإدراك.

صحيح أن الدستور الموريتاني نص على مأموريتين من خمس سنوات وصحيح أن رئيس الجمهورية أقسم على احترام الدستور وعدم تغيير ثوابته بما فيها المأموريات.

لن أقول كلاما متداولا لدى البعض أن الدستور ميثاق لا يفصم، ولن أقول كلاما آخر يعلمه القاصي والداني أن الدستور ليس بقرآن ولا حديث.

فذهابا إلى معظم الدساتير في العالم واستحضارا لغالبية التجارب الديمقراطية الناجحة في العالم، شهدت معظم الدساتير تغييرات في ثوابتها واستأنست تلك التغييرات بواقع الأمم. وحاولت أن توائم بين حاجتها ورغبتها وطموحها، في ظل وفاق أو إجماع على تغيير بعض مقتضيات دساتيرها ولا يمكنني أن أحصي تلك الحالات.

إن المثالية التي يحاول بعض الإخوة في المعارضة التظاهر بها، لا تلامس العديد من دعواتهم . فقد طالب قادة المعارضة ولد عبد العزيز بالرحيل ولا أعتقد أن هذا المطلب دستوري ولا أظن أنه قريب من ذلك.

و اشترطت  معارضتنا الوطنية في ممهداتها أو مقترحاتها أو طلباتها ،ضرورة تشكيل حكومة توافقية أين هذا من الدستور وأي دستور في العالم يخول للمعارضة المشاركة في الحكومة.

وطالبت المعارضة بتفكيك وحدة عسكرية، تعنى بتأمين رئاسة الجمهورية. فأين هذا المطلب من الدستور يبدو أن الإخوة يتكلمون عن دستور في كوكب عطارد .

إنهم يرخصون لأنفسهم كل فعل وقول لا يمت إلى الدستورية بشيء، لا يمت للعدالة والأخلاق والمثل الديمقراطية بصلة ويعيبون على الآخرين من وزراء وقادة رأي وعامة، التعبير عن آرائهم .

نحن أمام معارضة من نوع خاص، تدافع عن أرائها...تصف الوضع بما تريده أن يكون، تحجم عن الحوار تمانع  بالدخول في أي نقاش، قد يأخذ طابعا رسميا يقترح فيه النظام الحاكم تعديلا أو يقدم تأويلا تقبله المعارضة أو ترفضه وتتخذ من آراء الأشخاص مائدة نقاش، سبيلا إلى سيل الكلام وهدير السجال .

على المعارضة أن تجمع أمرها، أن تحدد غاياتها وفقا لما يكفله الدستور والإجماع وأن تقدم ملاحظاتها بعيدا عن المناورة والخداع .

على المعارضة أن تدرك أن المطالبة بتعديل الدستور، حق مشروع وأن الرئيس لم يقسم على منع الناس من المطالبة بتعديل الدستور. بل العكس من ذلك انتخب، ليلبي رغبات الأمة وحاجياتها ويحقق أحلامها وآمالها وفق مقتضيات الدستور .

ثم إن الإخوة في المعارضة بحديثهم اليوم عن المأموريتين وضرورة احترامهما، إنما يوقعون على شرعية انتخابات قاطعها بعضهم، واعتبر مخرجاتها غير شرعية. أليست هذه المأمورية الثانية التي يدور حولها السجال اليوم أحد أهم مخرجات تلك الانتخابات.

للوزراء الحق في التعبير ولعامة الشعب الحق في إبداء الرأي، ولعل هذه هي أبرز الالتزامات المنصوصة في الدستور، وللرئيس الحق في تقديم مشروع استفتاء بتغيير الدستور. ليصبح الفاعل هو الشعب وليس الرئيس لأن الشعب هو من أجاز الدستور و انتخب الرئيس والسلطة في عالم الديمقراطية .

الأمة اليوم بحاجة إلى المحافظة على المكتسبات، بحاجة إلى دفع التهديدات وهي بالمقابل بحاجة إلى وفاق شامل يحقق هذه الرهانات .

يخيل للإخوة في المعارضة أنهم بهذا الكلام سيثنون الشعوب الطامحة إلى صون المكتسبات عن المطالبة بتغيير الدستور حتى يتمكن الرئيس من المشاركة في رئاسيات 2019 ، ويؤكد الإخوة في الأغلبية، أن رهانهم على صون الإنجازات وتعزيز الأمن والوحدة الوطنية، هو مواصلة مسيرة النهوض والنماء.

أربعاء, 30/03/2016 - 23:59