مساحة إعلانية

     

 

    

  

الفيس بوك

شعر نزار قباني والحضور القوي داخل المشهد الفني قديما/ بقلم: اباي ولد اداعة

يعتبر الشاعر نزار قباني من أكبر شعراء العرب المعاصرين الذين كتبوا في العشق و الحب و الوطن و الجمال و السياسة والحرب ....،الخ 
شكل شعره في حد ذاته مدرسة أدبية فريدة و حالة رائعة من نوعها لها سماتها الفنية الخاصة.
كان نزار قباني ولا زال ملهم الملحنين و مستفز حناجر المطربين ،فالجميع سعي و مازال يسعي للغناء بكلماته لأنه كان يحكي بشعره عن الكل ،فما من حب إلا وكرسه نزار شعريا و ما من حرب إلا وحكي عنها و ما من مدينة كتب عنها إلا و خلدها و ما من مناسبة في المحافل الثقافية إلا كانت كلماته حاضرة ،كلمات لا يمكن نسيانها و يصعب أن تذبل.
أختار الكثير من عمالقة و أساطرة الفن العربي تاريخيا الغناء  بكلماته من أمثال نجاة الصغيرة 
،فيروز ،ام كلثوم ، عبد الحليم حافظ .فايزة احمد و صولا إلي كاظم الساهر و لطيفة التونسية و غيرهم من الأجيال الصاعدة.
كان لكل فنان غني من قصائد نزار قباني قصة معه و بات لكل قصيدة مغناة بعدا آخر .
فعلي غرار هؤلاء الفنانين وغيرهم ،كان من البديهي والطبيعي أن تلقي قصائد نزار قبولا واسعا و حضورا قويا و تعاطيا كبيرا داخل بلد المليون شاعر بحكم معيار الذائقة الشعرية الفطرية الموريتانية و ما خلقت حينها من تفاعل لا إرادي مع المضمون و المقصود .
دعمه هذا التآلف و التناغم الحاصل بين قصائد شعره و مقامات الموسيقي التقليدية .
شكلت مراحل إبداعات الثنائي الموريتاني المخضرم المتميز دائما سدوم ولد ايده رفقة أيقونة الفن المرحومة ديمي بنت آب إبتكارا وتجربة فريدة من نوعها أخذت بعدا وطنيا و امتدادا للتعاطي فنيا و غنائيا مع شعر وقصائد نزار قباني.
مما مكن من تجاوز حجم أداء مختلف الفنانين العرب من خلال أكبر قائمة قصائد نزار قباني مغناة علي الإطلاق من طرف الثنائي البارز سدوم و ديمي رحمها الله.
أسست لعصر ذهبي ظل شعر نزار حاضرا في جزئياته و تميز بتعاط الجميع مع محتواه الشعري و الفني الهادئ و الملتزم موسيقيا . 
مسار أرتبط به الموريتانيون أيما ارتباط و شكلوا جزءا من تفاصيله الدقيقة من خلال الإنسجام التام في حالات الإستماع لسلسلة الأشرطة الغنائية المتباينة للثنائي سدوم و ديمي أمثال  : البهتان ، الغرام ، الدعاية ، عيد المولود ، تموز ، سفر سعيد ،الرباط ،....الخ.
أغاني و كلمات ذات دلالة عميقة تثير الشجون و الذكريات و تعبر عن الحنين الي الماضي وجدت كثيرا من أصداء القبول و الإمتنان داخل الأوساط الإجتماعية الموريتانية أنذاك و أثارت في النفوس مشاعر مختلطة ما بين السعادة و الألم و الشجون والحزن .
هي حنين إلي الأشخاص الذين فقدناهم إلي الأماكن الخالية إلي أيام الطفولة البريئة إلي أصدقاء الزمن الجميل إلي العلاقات الإجتماعية القوية إلي بساطة الحياة و إلي التفاصيل الصغيرة.
قد يكون الحنين إلي أنفسنا شكلنا ملامحنا أعمارنا و أحلامنا التي طوتها عاديات الدهر .
الأمر الذي ربما يجعلنا نشعر بجماليات الأشياء بعد انقضائها أكثر من من استشعارها أثناء اللحظة في زمانها و مكانها.
لتشكل لاحقا هاجس حنين و ذكريات زمن جميل .
كلما كانت الفرصة متاحة و مناسبة لسماع هكذا مقطع غنائي عابر جسدته لحظة تاريخية من شعر قصائد نزار و صوت غنائي لسدوم و المرحومة ديمي.
تجد البعض وبكل عفوية يقوم بإعادة تكرار أصداء كلمات القصيدة الشعرية علي نفس النسق والنغم و كأنه في حالة محاكاة وتقليد بدوافع الشوق و الإرتهان الي الماضي.
في حين نري أن حجم المنتج الفني الموسيقي للثنائي سدوم و المرحومة ديمي مازال يفرض سيطرته علي آذان المتلقي والمستمع داخل مجتمع البيظان في ربوع موريتانيا وخارجها.
حيث ساهم أداءهما الغنائي الممزوج و المغني بشعر نزار قباني في رسم لوحة صوتية تحكي صداء الماضي و تنقل الحاضر إلي آفاق المستقبل.
في حين نلاحظ حاليا داخل المشهد الفني شبه القطيعة مع شعر نزار قباني وغيره في ظل تراجع الأغنية التقليدية الهادئة و الهادفة و صعود الأغنية الصاخبة.

طابت أوقاتكم.

ثلاثاء, 28/02/2023 - 06:00