مساحة إعلانية

     

 

    

  

الفيس بوك

متى ينضج الطعام !!

انتبذت مكانا قصيا على شاطئ  الأطلسي أصيلا، فكنت أسائله عن وطني، و عن حشرجة ضاق بها صدري ، فيجيبني بنسيم عليل يبعث في النفس دعة تنسي حرارة هضاب لعصابة و ظمأ أيامها ؛ إذ لا بحر يحمل الهم هناك و لا حوت يبلع الغم ..

على الشاطئ رأيت شباكا و شراكا ، و صيادا جلدا جسورا ، شدت من عزيمته أم كادحة تختبئ القناعة كلها في تجاعيد وجهها و يتطهر الحياء من عرق جبينها .

فاتخذت من المشهد خيطا يربطني بالمستقبل، وأركب موج العاطفة الهائج دون أن أحسن التقدير، ليسحقني في قفار تناغمت إيجابا مع أمواج القحط الزاحف نحو الحياة و الناسف لكل وعد تشدق به أهل السياسة و التنجيم ، فأكتشف في ساعة متأخرة أن الأمل ليس إلا بالونة تنفخ بالمظاهر الخداعة و العبارات الرنانة، و تعلق على مشاريع زائفة تفضحها من حين لآخر صفقات التراضي الموغلة في الفساد.

فأحاول التلهي عن هذا الواقع المر ببعض أشعار العرب، فلا أستحضر غير بكاء حمامات في أرض يباب ، على أطلال تكاد تندرس .. إلا أن مغازلة الريح للأمواج و ملاطفة النسيم للإحساس دغدغت مشاعري قليلا ، لتشدني ترانيم البوح نحو التحرر من قيود النرجسية و تضخم الأنا ، و لكن أبت أوتار القلب أن تجود بلحن يتناغم و نبل المسعى ؛ فقد ضاقت ليالينا عن مسامرة أهل الحسن و الأنس ..

و ضن العقل علي إلا بأفكار مشوهة تعيب الإستقامة و الشفافية ، و تتفهم المحسوبية و الزبونية و تمجد القبلية و العنصرية .

و رغم ذلك سأظل أطوف بالعقل احتراما لعبقرية الإنسان المنتج هنالك وراء البحار . و أحاجج السياسي هنا أمام محكمة الضمير ؛ فقد جعل من الرغبات غاية لا تحترم الحدود ؛ فكان الشطط في القول و في الفعل .

و سأبقى أفتش في كل مرآة عن سر غياب الوطن ، و أسباب التقهقر و التشظي ، فقد كنت أتطلع إلى بنية متينة له و سحنة بهية أفاخر بهما بين الأمم .

و حين ابتعدت عن الشاطئ وجدتني على عتبة الصيف أتنفس دخان وعود أشعلتها ألسن الخطباء من أهل السياسة و البلاء ، و أسمع خوار بقرات توشك أن تنفق قبل أن تجد الأعلاف  .
   
وأرى شعبا عظيما شغلوه بالتسجيل على لوائح المعدمين .. و قالوا له اقعد و انتظر !  فحدثوه حديثا طويلا عن الوقاية و الأعراض، و عن الصيام و القيام، و أطنبوا في الحديث عن الخلفية الدينية و الاجتماعية  للرئيس و الوزير  في زمن العسرة و الوباء !

  و الشعب ينظر و ينتظر !!

إنه شعب بات كصبية تخدعهم أمهم كل ليلة بقدر تملؤها بماء و تقول : انتظروا سينضج الطعام عما قريب !

الحسن محمد الشيخ

أحد, 26/04/2020 - 10:44