مساحة إعلانية

     

 

    

  

الفيس بوك

صحوة بنجة

بقلم: عبد الرحمن ولد ودادي

من أهم التغيرات التي واكبت في حياتي صعود تيارات الصحوة الدينية وانتشارها المهول بفضل عوامل عدة، من بينها أموال البترول وترييف المدينة و الهجرة لمنطقة الخليج و الإعلام العابر للحدود.

لا شك أن تغيرات كبيرة حدثت، أصبح اللبس النسائي أكثر محافظة، انتشرت اللحى، وصار أهل البلاد يتوضؤون بعد ان كان التيمم مسيطرا، ارتفعت نسبة الصيام بأضعاف مضاعفة، باختصار زادت كل مظاهر التدين، وتضاعف عدد المساجد، وانتقل مركز الاهتمام من المثقفين والسياسيين لرجال الدين.

صاحب هذا انهيار لقيم الحداثة واحتقار للفنون وانحدار شديد لقيمة الفنان وتغيرت الكثير من العادات مثل الأعراس التي لم يعد يحضرها الذكور، وانتشر الابتعاد عن الموسيقى و الاكتفاء "ببنجة" بحجة التدين وحرمة الآلات الموسيقية، مع أن "بنجة" تتعرض في معظمها للنصف الأسفل من الجسد، و تركز على الجماع و الغُلمة بعبارات فاضحة، ترى الجميع يتقافز على وقع كلماتها البعيدة من الحياء، الأم و البنت و الحماة في نوبات هياج جماعي تحت وطأة الإثارة بالعبارات الجنسية و التعبيرات الراقصة التي تجسدها.

الظريف ان هذا الفن الإباحي يمثل التدين و الالتزام، بينما الموسيقى التقليدية الفخمة و الغنية على مستوى المضمون و الشكل توصم بالحرمة و الكفر، بما فيها من الشعر الرقيق للبرعي وولد آدبة و ومجنون ليلى .

إنجرف الكثير من ابناء البلد تحت تأثير الصحوة للعنف الديني الجديد على هذه الأرض واصبح العديد منهم وقودا للحركات الجهادية و تبوأ بعضم أعلى المراتب في التنظيمات الارهابية العالمية .

المفارقة المؤلمة هي أن الأخلاق أصيبت بانهيار رغم الصحوة الدينية، و تناقص الصدق و العفاف، و انتشرت المخدرات و العهر، و أصبحت الأمانة عملة نادرة وانهارت قيمة المرأة و خسرت مكسب " لا سابقة ولا لاحقة" الذي نجحت في انتزاعه رغم البداوة و الفقر.

أصبح الزواج السري الممتهن لكرامتها أمرا مقبولا وطبيعيا، فالصحوة جلبت معها نظرة الخليجيين للمرأة وصار الحديث عن حقوقها وقيمتها لا يناسب المرحلة.

نجحت التيارات السياسية الدينية والدعوية في نشر مظاهر التدين بالصيغة الخليجية، لكن روح الإنسان في هذه البلاد تلوثت بالرياء و التمظهر الزائف و فقدت نقاوتها ووصلت للدرك الأسفل من الحضيض الأخلاقي و اصبحت صورة الشنقيطي التي ارتبطت لدى العالم بالعلم و الكرم و قيم الشهامة مقرونة بالنصب و الاحتيال والاستجداء باسم الدين.

 

اثنين, 01/10/2018 - 08:57