مساحة إعلانية

     

 

    

  

الفيس بوك

الزميل عبد الفتاح ولد اعبيدن يكتب عن "ذكريات المعتقل"

كتب الزميل عبد الفتاح ولد اعبيدن مدير صحيفة "الأقصى"، عن ذكريات المعتقل، يوم تم توقيفه إبان قضيته المعروفة مع رجل الأعمال الموجود حاليا في المنفى محمد ولد بوعماتو.

وقال ولد اعبيدن: "اليوم يحتفل محليا وعالميا بحرية الصحافة،  و رغم ما هو موجود من حرية إعلاميةـ إلا أن مشروع السمعي البصري متعطل تقريبا و الصحافة الورقية تعيش ضنك العيش بعد منع الاشتراكات رسميا منذ مطلع ٢٠١٦. و مهنة صحفي، خصوصا في قطاع الصحافة الخاصة، في واقع الأمر فقر مقنع، لكن الصحافة الحرة بسبب حرص المشتغلين فيها على استغلال فضاء التعبير المتاح، تحولت إلى نمط من المخدرات... لها نكهتها التي تتحول إلى عادة يصعب الانكاك عنها، رغم محدوديتها في تغبير الواقع الآسن ومصاعبها وعقدها الجمة.  وما زال الاعتقال والاستهداف المتنوع ضد الصحفيين ممكنا في موريتانيا،  وفي هذا السياق عشت تجربة اعتقال مريرة، متنوعة الأمكنة والأزمنة، بسبب شكوى من طرف رجل الأعمال محمد ولد بوعماتو إثر مقال نشر، في يومية الأقصى يوم ١٨ مايو ٢٠٠٧. و بعد ذلك على ذمة التحقيق اعتقلت يوم ٢٤ مايو ٢٠٠٧، وذلك على ذمة التحقيق بالسجن المركزي الحالي، المجاور لقصر العدل. وفى يوم الأحد 27 مايو جرت محاولة إغتيالى، دون جدوى، لله الحمد وله المنة،  حيث اتصل المعني المجهول بأحد السجناء المعروف بالخطورة المسمى عبد الله "لكحل". وطلبوا منه حسب ما تكرر في هاتفه، بالحسانية: "بطو ٱلين يشرف على الهلاك وخل فيه لثر".

وقال لكحل: "لن أنفذ هذا الطلب"، رغم الوعود المغرية، فأبلغت فرقة الحرس، لكنهم أشاروا ضمنيا إلى عدم تحكمهم في مسرح السجن الداخلي، ونصحوني فقط بتوخي الحذر.  وقد أحسست بشيئ قليل عابر من الخوف، لكن الرحمن ثبتني.

ومن طرف تلك الأيام أنه ذات صباح بالسجن "وقت أتاي"، فتحت  قطعة "خبز"، فوجدت بداخلها بيان منظمة "مراسلون بلا حدود" الذي كان أول بيان مناصر لقضيتي ويطالب بالإفراج الفوري عنه، حيث أرسله لي بهذا الأسلوب ابن عمى و أخي وزميلي يحيى ولد الحمد، تفاديا لمصادرة الحرس.

 كما شاهدت داخله في "النشرة المغاربية" بقناة "الجزيرة" القطرية مداخلة الزميل محمد المخطار ولد محمد فال مدير جريدة "النهار".

وقد انقسم بعدها الصحفيون إلى أغلبية صامتة، مناصرة لي رغم تحركهم في البداية لصالحي، إلا إن صحافة ولد بوعماتو تشكلت منذ تلك الأيام، ووجدت قضية اعتقالي و محاولة تجريمي فرصة لانتزاع الملايين من بوعماتو،  بينما بقي كثير من الزملاء بعيدين عن تلك المهزلة ، و كان من أبرز المناصرين لقضيتي حينها: سيد محمد ولد أبه ومحمد عالي ولد العبادي ومحمد سالم ولد الداه، ورأسهم طبعا يحيى ولد الحمد.

لقد كانت فترة سجن وملاحقة مؤلمة ومرهقة، وفي الأيام الأولى من اعتقالي، انعقدت إحدى جلسات البرلمان وتمت مساءلة الوزير الأول في هذا الصدد، من طرف النائبين جميل منصور و صالح ولد حنن،  مما اضطر الرئيس سيد ولد الشيخ عبد الله للضغط لإصدار حرية مؤقتة بعد أيام من اعتقالي، ثم انعقدت محاكمتي يوم الأربعاء ٢٤ أكتوبر ٢٠٠٧ على يد القاضي صمبو محمد الحبيب، حيث أصدر يوم الأربعاء حكما مدويا غريبا، تمثل في سنة نافذة و ٣٠٠ ملبون أوقية . على أساس غير وارد إطلاقا، بعد إعادة التكييف إلى تهمة البلاغ الكاذب، حيث أن هذه التهمة المدعاة ،لا أساس لها من الناحية القانونية، لأنه يشترط إبلاغ جهة أمنية أو قضائية أو إدارية ببلاغ كاذب، و هذا كله بعيد من النشر المقتصر فى هذه الحالة على جريدة الأقصى، العدد ٢٤٢. و عندما صدر هذا الحكم ، كنت قد وصلت دبي فى الإمارات، بعد إن سافرت، مساء الثلاثاء ،من مطار نواكشوط، مما اضطر ولد بوعماتو للجوء للأنتربول، بحجة أن الحكم الصادر ذى طابع جنائي، و جرت مياه السفينة لصالحهم، استدراجا و غرورا ، و سلمت بعد سنة و ثلاثة و عشرون يوما،و أدخلت سجن دار النعبم ،يوم ٣٠ نوفنمبر ٢٠٠٨ إلى يوم إطلاق سراحى بعفو رئاسي، بوم الأربعاء الموافق لـ ٨ مايو ٢٠٠٩ . وللقصة بقية والحديث ذو شجون .

و قبل أن أختم هذه الحلقة ، أود التنبيه إلى حجم الضغوط المحلية و الاقليمية و الدولية ، التى جرت في إطار هذا الملف، خصوصا فى شق الانتربول و من اجل إصدار الحكم ضدى فى جميع مراحل التقاضى .قال لى أحد محامى الخصم: "ما رأيت طيلة تجربتى فى المحاماة ملف أدسم رشاوى من ملفك"، يعنى طبعا ما بذل بوعماتو من مال لتوريطي، و الله خير حفظا.

خميس, 03/05/2018 - 16:11