مساحة إعلانية

     

 

    

  

الفيس بوك

قائد الجيش الموريتاني يسلط الضوء على وضعية القطاع والمشاكل التي تواجهه

بعد معاناة مريرة للقوات العسكرية الموريتانية، جراء الهزائم التي تجرعتها على أيدي الجهاديين، بدأت إصلاحات، وعبئت موارد، فما هي النتائج؟

 

بين قوات مجموعة دول الساحل لمحاربة الجهادية والتي تضم بوركينافاسو، ومالي، وموريتانيا، والنيجر، واتشاد، يبرز جيشان بشكل مائز، وهما الجيش اتشادي، والجيش الموريتاني، حديث النشأة، إذ يعود رفع مستوى جاهزيته وقدراته إلى أقل من 10 سنوات.

 

وقد تم ذلك بإرادة من الرئيس، الذي قدم الوسائل، وتحت قيادة قائد الأركان محمد ولد الشيخ محمد أحمد المعروف بولد الغزواني، وأصبح الجيش محل إشادة ودعم من طرق الأمريكيين والفرنسيين.

 

لقد عرف الجيش الموريتاني هزائم خلال بدايات تأسيسه، فحينما تقاسم الرئيس الأسبق المختار ولد داداه الصحراء الغربية مع ملك المغرب عام 1975، كانت هناك أقل من 5000 جندي في مواجهة مقاتلي جبهة البوليساريو، حيث تم إرسالهم إلى القتال دون تدريب أو إمداد بعتاد، فقتل منهم 2000 جندي.

 

جنود موريتانيون

لقد تسببت الهزائم والصراعات في شل الاقتصاد الوطني الموريتاني، وأوقفت تصدير الحديد، وأطاح الجنرالات في العام 1978 بالرئيس، ووقعوا في العام 1979 اتفاق سلام مع جبهة البوليساريو.

 

وبعد ربع قرن من الزمن، سيتضح أن هذه القوات المكونة من 15 ألف رجل، ليست بوزن مجابهة الجهاديين، والتصدي لهم، واقع يلخصه مراقب في القول "ليس لديهم ما يكفي من الوقود لرعاية قطيع ماعز قائدهم".

 

وقد هاجمت الجماعة السلفية للدعوة والقتال، القادمة من مالي، والتي يقودها مختار بلمختار، في 04 يونيو 2005 قاعدة لمغيطي الواقعة في أقصى الشمال الموريتاني. هجوم باغت الحامية التي كانت تغط في النوم، ولم يكن بمقدورها أن تقاوم، فقتل منها 15 شخصا، وحصل المهاجمون بالإضافة على بعض الأسرى، على مركبات وأسلحة.

 

الأمن في البلاد

لقد اعتبرت هذه أول هزيمة للقوات الموريتانية في مواجهة خصم متنقل ونشط، وشجعت تلك العملية لاحقا على مقتل سياح فرنسيين وأمريكيين، ومن ثم اختطاف إسبانيين، ولم يعد بإمكان "رالي باريس ـ داكار" المرور بموريتانيا، بل إنه تخلى عن المرور بإفريقيا بسبب انعدام الأمن، وبدا أن الجيش ليس قادرا على سوى تنظيم الانقلابات.

 

وفي 14 سبتمبر 2008، سيكون الموعد مع مجزرة تورين، فطفح الكيل، فقرر الجنرال محمد ولد عبد العزيز الذي تولى السلطة، فقط قبل شهر من ذلك، رفقة الجنرال ولد الغزواني إصلاح جيش، بائس الواقع، ضعيف الروح المعنوية، منخفض الأجور "عشرات اليوروهات للشهر بالنسبة للعقيد"، فبدأ الوضع يتحسن شيئا فشيئا، حيث تطور السكن والنظام الصحي العسكري، وتضاعفت الميزانيات.

 

ويقول محمد ولد الغزواني إنه "على عكس المدنيين، لا يمكن لرجالنا أن يكملوا أجورهم عبر نشاطات خارجية، وعليهم بالتالي أن يتقاضوا ما يكفي للعيش بشكل مريح، وأن لا يقلقوا على عائلاتهم، عندما يعملون على بعد أكثر من 1000 كلم عنهم"، مضيفا أنه "تقرر تجاهل سلم التراتبية، رغم أنه يطرح مشاكل من قبيل الغيرة لدى العقداء النشطين".

 

تهديدات إرهابية

وقال الجنرال "لقد شكلنا مجموعات تدخل خاصة، يقودها نقباء شباب، غير مرتبطين أسريا، بهدف خلق ثقافة هجومية، موجهة نحو تلك الحركات"، وفي ذات الوقت، يضيف، عززنا مكتبنا الثاني الخاص بالحصول على معلومات موثقة حول تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي. كل ذلك من أجل الجاهزية دون النظر إلى الحساسيات.

 

ويضيف ولد الغزواني "عند ما كانوا يقولون لي إن كتيبة الأمن الرئاسي تطالب بأن نعطيهم رشاشات، كنت أجيب بأننا لن نعطيهم ذلك، إلا حينما يكون عندنا فائض، واليوم الوضع يختلف، وعلى اعتبار أن كتيبة الأمن الرئاسي كان يقودها الرئيس الحالي، وكانت مدللة ، فإن ذلك يؤشر على أن قائد الأركان كانت لديه صلاحيات اتخاذ القرارات في القضايا التي يرى أنها تخدم البلاد".

 

وقد تدخلت مجموعة التدخل الخاصة في مالي باتفاق مع باماكو، وحققت القوات الموريتانية انتصارا كبيرا على تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، ما أسفر عن مقتل 15 شخصا في غابة واغا بمالي في 24 يونيو عام 2011.

 

وحينما حاول تنظيم القاعدة الانتقام عبر مهاجمة حامية على الحدود الموريتانية مني يالهزيمة.

 

قوات متعددة الجنسية

"كنا ننتظرهم! يقول الجنرال مبتسما، حيث فقدوا أميرهم الذي جلبوا من الجزائر ليأتمروا به، ولأول مرة أجبروا على ترك قتلاهم على الأرض، وقد حصلنا على معلومات هامة بشأن مخبأ الأسلحة الخاصة بهم" ومن يومها لم يحاول تنظيم القاعدة مهاجمة موريتانيا. لكن هل كان الانتصار مكتملا؟

 

ليس بالضبط، لأنه إذا كانت القوات الموريتانية والمالية، مدعومة من طرف القوات الفرنسية "براخان" تقوم بعمليات تمشيط بطريقة منسقة على الحدود، فإن الجهاديين أعادوا الانتظام في غابة واغادو، حيث يهاجمون بعض القرى المالية، مستغلين بذلك ضعف وسائل وحماية الجيش المالي.

 

وعندما نشير إلى أن الجيش الموريتاني أصبح أداة قتال حقيقية تحت مسؤوليته، فإن الجنرال ولد الغزواني يطلب منا أن لا نرمي بالحجر سابقيه، الذين لم تكن لديهم الوسائل، ويقول بتواضع "لقد أحرزنا تقدما بفضل القبطان والقادة والعقداء والجنرالات، وقبل كل الشيء بفضل الرئيس الذي منحنا الوسائل، لكننا بعيدون من الوصول إلى الكمال".

 

وليس لدى ولد الغزواني شك في فاعلية وأهمية العمل العسكري، "إن العمل العسكري ليس كاف وحده، إذ لا بد من التنمية، ومحاربة التطرف، والفقر المدقع لدى السكان، الذين ليس لديهم ماء ولا طعام، ولا دواء، بفعل نقص المراكز الصحية. وبقدر المتاح، وفر رجالنا من خلال التدخل بعض الخدمات والمؤن، فلا يمكن أن يكون هناك جيش غني، وساكنة فقيرة".

مشكلة أعمق

 

إن القوات الموريتانية اليوم لديها طائرات من نوع "سوبر توكانو" وتتوفر على دعم تكتيكي على الأرض، يتلقى تدريبات في أطار من طرف الفرنسيين. وقدم لها الأمريكيون معدات هامة، كما لديها مدافع رشاشة، وذخائر، ووقود، وسيارات عابرة للحدود خاصة بقوات التدخل الخاصة، ذات المعنويات المرتفعة. وتوجد اليوم 20 ألف رجل تنتشر في 7 مناطق عسكرية، تضم كل منها كتيبتين.

 

فأي تحسينات تسعون إليها؟

"نحن بحاجة إلى غرفة عمليات حديثة، مزودة بالمعلوماتية، تتم عبرها مواكبة العمليات الجارية، كما يجب أن نتوفر على خريطة جديدة، لأن خرائطنا الحالية لم تعد توافق التضاريس الميدانية، ويجب كذلك رفع مستوى التعليم لدينا ليتمكن الجنود من التكوين والتدريب على التكنولوجيا الحديثة، بالطبع لدينا مدارس ثانوية، ومدارس للامتياز، ومدارس عليا متعددة التقنيات، ولكن عندما نقدم 5 مترشحين لرخصة طيار، فإنه ينجح واحد فقط، ويضطر الآخرون لأن يصبحوا ميكانيكيين، أو ينخرطوا في سلك الإرسال، وهذا ليس جيدا".

 

ويعبر ولد الغزواني عن أمله ورغبته في "تأنيث الجيش، ففي الواقع أرى أنه من خلال بعثاتنا الموجودة تحت راية الأمم المتحدة في جمهورية وسط إفريقيا مثلا، فإنه كان المواطنون سيكونون أكثر ثقة في التعاطي معهم لو كانوا نساء، لكن المشكلة أن النساء لدينا يفضلن العاصمة، كما هو الحال تماما لدى الجيش الفرنسي، حيث لا تفضل النساء الميدان، لكننا نفكر في كيفية معالجة ذلك".

 

وهو أمر غير مستغرب، حينما نعلم أن الجنرال ابن زعيم قبيلة "إديبوسات"، التي تنسب للزوايا، حيث الانفتاح والتحرر.

 

مجرزة تورين: صدمة كهربية

في مساء 14 و15 سبتمبر 2008، تعرضت دورية مكونة من 6 سيارات من الجيش من الجيش الموريتاني لكمين في تورين، بمنطقة صحراوية تبعد 800 كلم جنوب مدينة المعادن، ازويرات.

 

وقد تبنى الهجوم تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، الذي اختطف 12 شخصا، وأخذ 3 سيارات عابرة للحدود، وقد تم العثور على الجنود 11 ودليلهم مقطعي الرؤوس، ونتيجة لعدم وجود قناة اتصال جديرة بهذا الإسم، فقد عملت قيادة الأركان متأخرة بالكارثة التي حصلت.

 

ولأن القادة المعنيين بالدورية المهاجمة، عاجزون تماما، إذ ليست لدى الجيش الوسائل اللازمة لإرسال التعزيزات اللازمة، تم التوجه إلى رجال الأعمال الموريتانيين من أجل المساعدة على استعادة الجيش لقدمه في الشمال، حيث وفر أحدهم سيارة من نوع "ابيك آب"، وقدم آخر بعض الإمدادات اللازمة، كما قدمت الاتحادية الموريتانية للنقل بعض الحاميات المعزولة.

 

لقد كانت المأساة هائلة في عموم البلاد، وتم بتلك المناسبة اكتشاف أن الجيش ليس وحيدا.

 

نقلا عن "جون آفريك"

 

ترجمة الأخبار.

سبت, 18/11/2017 - 12:05